الخوف الإسرائيلي من المحكمة الدولية يتزايد بعد مطالبة الأردن بمحاكمتها :
فلسطين اليوم : دمشق
18/02/2009
يبدو أن قادة إسرائيل بدؤوا يفقدون صوابهم ولا يأبهون بشن حملاتهم الإعلامية حتى على حليفهم الأميركي الذي لا يمكن لإسرائيل البقاء شهراً واحداً دونه في حين أنه مع الغرب الذي يدعم إسرائيل قادر على البقاء دونها.
وذكرت صحيفة الوطن السورية في تقرير لها نشر اليوم :"ففي الأسبوعين الماضيين شنت وسائل الإعلام والمحللون الإسرائيليون السياسيون حملة على سوزان رايس مندوبة إدارة أوباما الجديدة في الأمم المتحدة لأنها طالبت إسرائيل أثناء جلسة لمجلس الأمن الدولي في 29/1/2009 بضرورة التحقيق بالاتهامات الموجهة لجيشها بخرق القانون الدولي أثناء حربها على قطاع غزة.
فقد قالت: "نحن نتوقع من إسرائيل التجاوب مع التزاماتها الدولية والقيام بإجراء تحقيق فثمة اتهامات متعددة ضد إسرائيل بخرق القانون الدولي أثناء عملياتها الحربية في قطاع غزة".
وإذا ما قورن هذا الخطاب الأول لسوزان رايس بالخطابات التي ألقاها جون بولتون مندوب إدارة بوش في الأمم المتحدة فإن المضمون الذي يحمله خطاب رايس يشكل أقسى ما سوف تشعر به إسرائيل من المواقف الأميركية.
ورغم أن مثل هذا التصريح ظهر حريصاً على المحافظة على اللهجة الدبلوماسية تجاه حليف مهم في المنطقة إلا أن قادة إسرائيل من الجانبين كاديما والليكود والعمل انتقدوا هذا الخطاب بل طالبوا رايس بالالتفاف عليه وتقديمه بشكل آخر والكف عن استخدام هذه اللغة.
وحين صدّق البرلمان الأردني مشروع اقتراح تقدمت به اللجة الوطنية الأردنية لحقوق الإنسان واللجنة القانونية للمنظمات الشعبية في الأردن ويدعو إلى تقديم قادة إسرائيل المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب في قطاع غزة إلى محكمة الجنايات الدولية جن جنون إسرائيل وشنت الصحف الإسرائيلية حملة على الأردن.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس أن آفي ديختر وزير الأمن الداخلي في حكومة أولمرت رد على هذه المبادرة الأردنية بأشرس حملة على الأردن كله ملكاً وشعباً حين قال: "كيف يمكن لدولة مثل الأردن أن تهتم في يومنا هذا بجرائم الحرب الدولية"، وأرفق هذه الجملة بما جرى في أيلول عام 1970 بين الملك حسين والمنظمات الفلسطينية ونتائج تلك الأحداث على الفلسطينيين.
وظهر من تصريحه هذا ونقله من قبل جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية أن إسرائيل أعدت فريقاً خاصاً الآن يقوم بتزويد كل مسؤول أو صحيفة بما يرغب من معلومات إسرائيلية يمكنه استخدامها ضد كل من يطالب بمحاكمة قادة إسرائيل في المحاكم الجنائية الدولية.
فهذا تماماً ما حدث حين شن بعض قادة تركيا وفي مقدمهم رئيس الحكومة أردوغان حملة تنديد بجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة فقام قائد القوات البرية في الجيش الإسرائيلي ميزراحي بتذكير تركيا بملف الأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى وما جرى أثناءه والاتهامات الموجهة لتركيا بأعمال القتل الجماعية في ذلك الوقت. لكن قادة تركيا سارعوا بعد إطلاق هذا التصريح الإسرائيلي على لسان جنرال في الجيش إلى استدعاء سفير تل أبيب في أنقرة إلى وزارة الخارجية التركية ومطالبته بتقديم توضيح رسمي لهذه الحملة وأبعادها.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس أن موافقة الأردن على تقديم طلب بمحاكمة قادة إسرائيليين تحدث لأول مرة منذ التوقيع على اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل قبل 14 عاماً وكانت وسائل الإعلام في المنطقة قد ذكرت أن مسؤولين رفيعي المستوى في الأردن اقترحوا على رئيس الحكومة الإسرائيلية أولمرت وعلى وزير الدفاع ووزيرة الخارجية وعلى رئيس الأركان الإسرائيلي وعلى آفي ديختر وزير الأمن الداخلي قبل أيام تجنب زيارة المملكة الأردنية في الأسابيع المقبلة بعد أن قرر البرلمان الخميس الماضي على التصديق على اقتراح تقديم طلب بمحاكمة إسرائيل.
ولا يعرف بعد ماذا سيحدث من تطورات في العلاقات بين إسرائيل والأردن في أعقاب تصريحات ديختر واتهاماته العلنية للأردن حول ما حدث في أيلول عام 1970 فهل ستستدعي الخارجية الأردنية سفير إسرائيل في عمان للاستيضاح أو تقديم شكوى رسمية ضد ديختر؟!
لكنه من الواضح أن المذابح التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة نقلت الوضع الشعبي العربي في معظم الدول التي عقدت اتفاقات سلام مع إسرائيل إلى حالة الغليان وإلى طريق يزداد فيه رفض جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل وقادتها بعد أن تبين عدم وجود أي فرق بين جميع قادة الأحزاب الإسرائيلية تجاه ارتكاب المذابح وجرائم الحرب.
وإذا ما تجنب قادة إسرائيل زيارة الأردن ولم تبق سوى مصر وحدها ممن يستقبل هؤلاء القادة تحت أي حجة كانت فإن ذلك قد لا يدوم طويلاً لأن عدداً من المنظمات والهيئات القانونية وحقوق الإنسان في مصر وهي غير حكومية لا بد أن تتقدم إن لم تكن قد تقدمت بطلب أو وقعت على مذكرات لمحاكمة قادة إسرائيل في المحاكم الدولية.
فعلى الرغم من التنازلات الكثيرة التي قدمها معظم قادة العرب من أجل إسرائيل وخصوصاً في مبادرة السلام العربية وفي إغلاق معبر رفح المصري أمام الفلسطينيين في القطاع إلا أن معظم الجمهور الإسرائيلي مازال يرفض مبادرة السلام العربية على علاتها وتنازلاتها قبل قادته الذين أعلنوا رفضهم لها في عشرات المناسبات.
ولا ننسى أن إسرائيل تدعم الآن منظمات يهودية دولية وأخرى إسرائيلية تطالب باستعادة ممتلكات اليهود من مصر ومن كل دولة عربية في شمال إفريقيا وبدأت بعرض برامج تلفزيونية وإنتاج أفلام دعائية تبثها في مختلف أنحاء العالم. تتهم فيها مصر بسرقة ممتلكات اليهود وكذلك المغرب وتونس والجزائر وليبيا ودول أخرى دون أن تطالب هذه الدول العربية إسرائيل بمنع منظماتها عن القيام بهذه الأعمال.
وذكرت بعض القنوات الإسرائيلية أن إسرائيل أعدت لكل دولة عربية الملف الخاص بها بانتظار استخدامه في أي حملة ضدها عندما تتجاوز الخطوط الحمراء مع إسرائيل وهذا يعني أن إسرائيل لا تزال تشن حربها على الدول التي وقعت معها على اتفاقات سلام وعلى الدول التي لا تزال في حالة حرب معها فلا الأردن سلم من عدوانها وحملاتها كما نرى ولن تسلم مصر في المستقبل أيضاً.